الأحد، 27 نوفمبر 2011

إعلام {نا}

تمخض الجمل فولد فأرا، هو مثل قديم، فالجمل بحجمه لم يلد إلا فأرا، ويطلق المثل على الضجة الكبيرة التي تطلق على شيء ما ويظهر هذا الشيء أمرا بسيطا لايستلزم نصف الضجة التي أطلقت من أجله، ربما الحال ينطبق على حال الإعلاميين عندنا .

فمنذ الأزل ونحن نسمع نواحهم على الدولة وكيف أنها تحتكر السمعي البصري ولا تسمح بإنشاء قنوات تبث من الجزائر لكن طيلة فترة نواحهم لم يحركوا ساكنا لدفع القضية للأمام أو يعدوا أنفسهم لعهد مابعد تحرير السمعي البصري، وفجأة هب الربيع العربي على كل العالم العربي ومنها الجزائر، فأبدى قادتنا النية لفتح المجال السمعي البصري للقطاع الخاص، وقبل أن تسن القوانين لذلك إكتشفت جريدة جزائرية "شعارها : أكبر جريدة في بلاد الواق واق والعالم" أنه يمكن إنشاء قناة تبث من خارج الجزائر فلا داعي لسن القوانين في الجزائر ليطلقوا بثهم منها واكتشفت أن فتح قناة ليس بالأمر الذي يتطلب أموالا ضخمة وهو مايعبر عنه تنامي القنوات العربية كالفطر، فظهر أن نواح الإعلاميين القديم لم يكن إلا لجعل احتكار السمعي البصري من طرف الدولة "قضية ضخمة" ليحكوا عنها في جرائدهم، فليس لهم ما يحكوا عنه. نعم لم يكن للإعلاميين عندنا مايحكوا عنه طيلة سنوات التعددية الإعلامية. فمنذ 1990 لم تكن هناك إلا قصصا سطحية تناولتها جرائدهم بالحديث جاعلة منها الشغل الشاغل للرأي العام الوطني فلم تكن إلا ثرثرة وأي ثرثرة. وعودة إلى جريدة "المدافع عن الكرامة الوطنية وحرية أخرى وين حبيت" التي إكتشفت أن بث قناة من خارج الجزائر أمر بسيط سهلته تكاثر المدن الإعلامية فمن مدينة الإعلام في مصر إلى مدينة الإعلام في دبي لم يعد فتح قناة أمر يهلل له شعب بأكمله، وتكريسا لعدم إمتلاك المؤسسات الإعلامية قصصا جدية تناقشها في وسائلها فلم يكن للقناة الجزائرية المستقلة المستعمرة الأولى الكبرى المدافعة عن العرب والعربان والشرف العربي العزيز إلا ان كانت اول مادة إعلامية تبثها هي نقاش تافه عن كرة القدم مملوءة به القنوات الرياضية التي حللت عالم الكرة في كل العالم وحتى الجزائر.

لكن مهلا هذه الحصة لم تبث فقالت القناة أنه تأخر بثها لأسباب تقنية "ياسعدي!!!" المعنى أنها لم تكن مستعدة تقنيا لفتح قناة ولو أنها استثمرت سنوات النواح في السعي لإمتلاك التقنية بدل الجلوس والنواح مع النائحين لما كان هناك تأخير لأسباب تقنية، ثم إن أول حصة تبث تتعلق بكرة القدم تعني أن الجزائريين ليس لهم حياة إلا الكرة، وهذه واحدة.

لكن الكرة لاتطعم شعبا جائعا، وكان الأولى أن تكون حصة تتعلق بمناقشة الأحداث الراهنة في العالم العربي والتغييرات الحاصلة في ليبيا وتأثيرها على الجزائر، وتتحدث عن الإقتصاد والمستقبل الإقتصادي للجزائر في ظل الأزمة الإقتصادية العالمية وتأثير إنكماش الأسواق على توفير فرص عمل جديدة. فهذا هو حقا مايهم وليس الكرة.

الآن هل نحن قادرون في المرحلة المقبلة أن نقدم إعلاما فعالا ويبني أشياء إيجابية كما كنا قادرون على النواح بالأمس، أم لن نصنع شيئا فنحن لانحترف إلا البكاء والعويل، سؤال ستحمل إجابته الأيام القادمة، فلنرتقب إنا من المرتقبين.

الجمعة، 25 نوفمبر 2011

أغنى رجل في الجزائر



مرحبا صديقي العزيز، لابد وأنك ككل جزائري تحلم بإمتلاك وظيفة الحلم يوما ما، تشتري بها منزلا فاخرا وسيارة فارهة لتفتخر أمام أصدقائك، ومن أجل ذلك أنت اليوم في المدرسة أو الجامعة تحلم بالتخرج وامتلاك الوظيفة التي تحلم بها منذ أن كنت صغيرا، لتتزوج بعدها بالفتاة التي تحبها وتعلن للعالم قدوم أطفالك وتعيش سعيدا الى الابد.
لكن مهلا: إستيقظ، ومرحبا بك في عالمنا الواقعي فبين الحلم والحقيقة خط فاصل لايجتازه الا الشجعان.
إن المدرسة تعلمك مهارة تخولك العمل في مجال ما، وبعد التخرج تجد وظيفة لتبدأ في الادخار للمنزل ومشروع الزواج، هذا ماتعلمك إياه المدرسة طيلة 16 سنة من التعليم، لكن هل سألت نفسك ماذا بعد التخرج من الجامعة ؟ إنه سؤال مخيف، فبعد التخرج ستحتاج منزلا وستكون لك أسرة تنفق عليها فتحتاج للإدخار من جهة، وتزداد النفقات من جهة أخرى، ولاشيء يضمن لك وظيفة ذات دخل مرتفع، إذ هناك من تخرج قبلك وله أقدمية فتكون أنت موظف جديد ذو راتب صغير، فمع زيادة النفقات، والحاجة للإدخار، تحتاج أن تعمل بكد أكبر منتظرا الترقية يوما ما، فتزداد الضغوط عليك، وقد تكره ماتعمله أو يكون مديرك شريرا ويضغط عليك دائما، لكن لامفر لك فقد درست طوال سنوات عمرك وكافحت للحصول على وظيفة، فالحصول على وظيفة في إدارة ما أو شركة ما ليس أمرا سهلا، وها أنت تقارب الثلاثين ولم تتزوج بعد ومنزلك مازال حلما، فتضطر لتقبل استئساد مديرك عليك، وتتحمل ضغوط العمل وقد تعمل في وظيفة ثانية من أجل أن يزيد دخلك، فتزيد ساعات العمل وتزيد معها ضغوط العمل والضغوط الاجتماعية، فصديقك في الجامعة أصبح يسوق سيارة فارهة، فتحتاج أنت لسيارة، وملابس غالية وهاتف نقال أحدث صيحة ورحلة الى اسطنبول أو دبي وغير ذلك، فتزداد النفقات رغم أنه ازداد دخلك، فتجد نفسك مجددا مضطرا للعمل أكثر لكن لا تستطيعن فيومك فيه 24 ساعة فقط، فلا يمكنك الحصول على وظيفة ثالثة، فتجد نفسك في حفرة، واذا تزوجت وصار لك أولاد ظهرت نفقات جديدة فلم يعد دخلك كافيا، فتصبح حياتك متاهة كلها: إستيقظ - إذهب للعمل - اطعم الأولاد، إستيقظ - إذهب للعمل - اطعم الأولاد... فتجد نفسك كالهامستر الذي في الصورة في الأعلى يتعب نفسه في الجري ليجد نفسه في النهاية في المكان ذاته، هذه هي الحياة التي تنتظر من يحلم بالسهولة، إذن ماالحل؟
في وسط الكدح من أجل إطعام الأولاد وتسديد المال الذي إقترضته من البنك لشراء المنزل، وتسديد الفوائد الربوية لهذا القرض أيضا، ستبقى تعيش طول حياتك ظانا أن الترقية في وظيفتك أو الحصول على وظيفة ذات دخل أكبر هو حل المشكلة، أو تحلم أن تصبح ثريا لكي لاتضطر للعمل 15 ساعة في اليوم، لكن هذا ليس حل المشكلة، بل هذا يعجل من ظهور أعراضها. فما الحل؟
سأقول لك شيئا واحدا إستعمل هذا الذي بين أذنيك: عقلك.
الجامعة تعطيك مهارة للعمل في مجال ما، لكن من يطعم اولادك؟ إنه راتب وظيفتك، ومن هذا الراتب تسدد قرض المنزل وتشتري السيارة وتشتري الكماليات وغير ذلك، ومع كل هذا، راتب وظيفتك لن يبقى قادرا على سداد كل النفقات، فتحتاج لإدارة المال حتى تخرج من متاهة الفأر ولا تكون كالهامستر، أي أن الأمر يتعلق بـ "علم المال"، أي "كيف يعمل المال"؟
المشكلة هي أن الجامعة لاتعلمنا كيف يعمل المال بل تكتفي بإعطائنا مهارة في مجال ما للعمل من أجل المال لإطعام الأولاد وتسديد قرض المزل زائد الفوائد على هذا القرض، لكنها لاتعلمنا كيف يعمل المال؟
ياحبيبي هل سألت نفسك ماهو المال؟
إنه ذلك الشيء الجميل الذي يشتري لنا كل مانرغب فيه. هل هذا هو المال حقا، مجموعة أوراق تحمل رقما، 1000 مثلا ومرسوم فيها ثور أحمر اللون، قطعا لا.
إن الأوراق النقدية هي أوراق في المقام الأول، لكننا متفقون على إتخاذها مقياسا على حسب الجهذ المبذول من طرف شخص ما، فإذ لم يكن هناك إتفاق لم تعد هذه الأوراق ذات قيمة، فلن تقبل مني أن أدفع لك بالمارك الألماني مثلا والذي لم يعد أحد يستعمله (فقد تحولت ألمانيا لليورو)، لن تقبل مني ذلك رغم ان المارك كان من العملة الصعبة في الماضي لكن لا أحد يتفق أنه كذلك الآن، فلذلك لم يصبح ذو قيمة ولن تقبله مني.
لذلك فالمال ليس أوراقا مطبوعة، فماهو إذن؟
لنستمر في الحكاية، لدينا نجار ولدينا بناء، الأول يحضر المادة الأولية وهي الخشب وبجهده يحولها إلى طاولة جميلة، والثاني يحضر المادة الأولية وهي الإسمنت والطوب وبجهده يحولهما إلى منزل جميل، هذا بذل جهدا وهذا بذل جهدا وحسب هذا الجهد نعطي لهما المال. فالمال هو ورقة نقدية نتفق على إتخاذها مقياسا لجهد ما "إذن المال فكرة".
فكرة إخترعناها لقياس جهد الإنسان ففي قديم الزمان كان تبادل السلع عن طريق المقايضة فإخترعنا المال ليكون واسطة، فلم نعد نتعامل بالطريقة القديمة: مثلا اعطني قمحا أعطيك تمرا، بل أصبحنا نتعامل بالمال، اعطني 100 أعطيك كذا قمحا. وأنت تحصل من الجهذ في وظيفتك على المقابل وهو الراتب.
لكن لأن المال فكرة، يعني ليس من يقدم جهدا أكبر يجمع مالا اكثر، بل من يفكر أكثر يجني مالا أكثر.
ولذلك الطبيب يجني أكثر من البناء مثلا، رغم أن الطبيب يجلس في عيادته ولايتعب كثيرا، والبناء في ورشة العمل يتعب، لكن الطبيب يستعمل عقله أكثر فلذلك يجني مالا أكثر، لذلك قلت لك لتخرج من متاهة الفأر عليك أن تستعمل عقلك، لتعرف كيف يعمل المال وماهي طرق كسبه، ولايكفي أن تكون طبيبا لتعيش بدون ضغط، فكونك طبيب يحتاج لنفقات أكثر لتبذو ذو مكانة إجتماعية، فلن تعيش في منزل صغير بل ستريد منزلا فخما، لذلك ستحتاج لقرض كبير من البنك وبالطبع ستكون عليه فوائد ربوية أكبر فتحتاج أكثر من "المال الكثير" الذي تجنيه، فتبقى تتعب في عملك كالجميع فقط لدفع فوائد البنك وإطعام أولادك.
والحل هو أن لا تعمل في الوظيفة من أجل المال بل أن تجعل المال يعمل من أجلك، عن طريق "الإستثمار". فزيادة النفقات وتزايد ساعات العمل وضغطه يجعلنا لانبحث عن الحلول بل ان نتمنى زيادة الراتب ظنا منا أن هذا هو الحل لكن الحل هو الإستثمار وجعل المل يعمل من أجلك.
إن الوظيفة تعطينا مالا لننفقه في أشياء تخرج المال من جيبنا فالسيارة تحتاج إلى بنزين لتتحرك وتحتاج لصيانة دورية، وكذلك المنزل دائما مايحتاج لصيانته و تأثيثه، كما تحتاج دوريا لملابس جديدة، تحتاج لدواء إذا مرضت، وكل هذا يخرج المال من جيبك وهذه الأشياء التي تشتريها وتنفق عليها تسمى : الخصوم.
أما الإستثمار فيكون بشراء أشياء تدخل المال لجيبك، وهذه الأشياء تسمى : الأصول. ومع إزدياد أصولك يزيد دخلك منها حتى يصبح أكثر من وظيفتك، وحينها لن تضطر للعمل مجددا، وستنصرف أنت لزيادة أصولك وستكون سعيدا لأنك تفعل ماتحب، ودخلك هو الذي يزيد بزيادة أصولك، وليست النفقات هي التي تزيد بزيادة خصومك على رأسها: منزلك.
فماهي الأصول إذن، كما قلنا هي كل مايدخل المال لجيبك، ومنها العقارات التي سأسردها كمثال.
إذا كنت ذو بصيرة لما حولك، ستعثر على من يريد بيع أرضه، إدخار عام واحد يمكنك من شراء أرض متوسطة المساحة تزيد قيمتها مع الوقت ثم تبيعها فتحقق ربحا وقد تؤجرها فتحصل على دخل شهري منها، فإذا قاومت رغباتك في شراء أشياء فخمة لإبهار أصدقائك ورغباتك في السفر و زيارتك إسطنبول والظهور بملابس فخمة وإنصرفت في إدخار المال فعشر سنوات كافية لتشتري عقارات عديدة وإيجارها سيحقق لك دخلا أكثر من وظيفتك، فتوظف هذا الدخل لزيادة اصولك فيزيد دخلك ولن تضطر للعمل مجددا عند مدير تكرهه.
وهكذا منذ ان كانت خطتك في الحياة هي التخرج والتوظف حتى التقاعد لدفع النفقات وإطعام الأولاد وشراء ماتبهر به أصدقائك تصبح خطتك هي الإدخار لشراء الأصول و تحقيق دخل منها و الاستمرار في شراء الأصول. وتذكر لاأحد يضمن أن بعد تخرجك ستحصل على وظيفة مدى الحياة فعالم مليء بأزمات إقتصادية تجعل الجميع يفقدون وظائفهم، وهو مايحصل في اليونان اليوم، فماذا تفعل إذا فقدت وظيفتك وأنت تعول والبنك يجري خلفك.
لذلك قلت لك اسثيقظ فالجامعة ليست كل شيء، إنها لا تعلمنا شيئا عن الأصول والخروج من دائرة الإستيقاظ - الذهاب للعمل - إطعام الأولاد، الإستيقاظ - الذهاب للعمل - إطعام الأولاد ... لقد أصبحنا نعيش في عالم مختلف تماما سريع التغيير وهذه هي قواعد " عالمـ اليومـ" الإستثمار والمعرفة المالية لكي لاتضطر للعمل تحت الضغط وتبقى خافا من فقدان الوظيفة وأنت تعول.
فإذا لم تتغير فستضربك الحياة أرضا أما إذا تغيرت فستربح السعادة إلى الأبد.
وإذا أردت أن تتعلم كيف يعمل المال وأسراره وكيف تدخل عالم الأثرياء ابق متابعا لنا فالمئات من القالات قادمة تحكي عن هذا العلم الذي لايعلمونك إياه في المدرسة، لأنه إذا تعلق الأمر بالمال، فمجتمعنا يعرف طريقة واحدة : إعمل بجهد أكبر، بيد أن عالم اليوم لايعترف إلا بمن يعمل بذكاء أكبر.

الأحد، 20 نوفمبر 2011

عهد جديد

كانت بدايات ولوجي إلى عالم الانترنت منذ زمن طويل وبالتحديد عام 2004. كان عالم الانترنت حينها شيئا جديدا، الكثير من الناس لايعرفونه بل لايعرفون حتى تشغيل الحاسوب، تلك الفترة كانت بداية ظهور مواقع الويب 2.0 ، فلا الفايس بوك ولا اليوتيوب كانا معروفين بعد. بل قد تتفاجأ إذا قلت لك أنه كان هناك موقع يشبه الفايس بوك كان الأول في ظهوره و الاكبر في عدد أعضائه: وكنت انا احد أعضائه في ذلك الوقت، هذا الموقع هو الشبكة الإجتماعية: ماي سبايس. وعند ظهور الفايس بوك كان كنملة أمام فيل.
لكن مع الوقت زاد عدد أعضاء الفايس بوك مقارنة مع ماي سبايس وعند ذلك بدأ هذا الفايس بوك بالإشتهار في الدول العربية ومنها الجزائر، لذلك لم نسمع بـ: ماي سبايس رغم أنه الأقدم والأكبر.
بعد عام 2004 كان جلوسي على الشبكة لساعات طويلة ;عندما لا أكون على الشبكة فأنا مع أصدقائي نتحدث عنها وعن جديدها (بالاضافة لأحاديثنا عن الجنس اللطيف طبعا :) .
كانت هذه هي الحال حتى عام 2008 أين انقطعت بصفة كاملة عن الشبكة وهذا لظروف شخصية وخاصة، واكتشفت بالتجربة أن الحديث عن إدمان الإنترنت كلام فارغ، فأنا لم يقل جلوسي على الشبكة بل انقطع كليا، ومع ذلك لم أشعر بالحنين للجلوس عليها لساعات طويلة كما كنت سابقا.
تطورت الانترنت منذ ذلك الحين بشكل رهيب فاق كل التوقعات واصبح الفايس بوك هواء يتنفسه الجميع.
تزايد عدد مستخدمي اليوتيوب وكذا محتواه. وانتشرت المواقع كالفطر، وأصبح الجميع يستخدم الشبكة، كل هذا وأنا في معزل عما يدور حولي، واذا ما اتصلت بالشبكة، وهذا نادرا لا اذهب لاقف على جديد الانترنت أو أستخدم خدماته، بل كنت أزور موقعا واحدا وهو Google Maps ولا غير، مكنني ذلك من حفظ العالم مدينة مدينة وزنقة زنقة، ساعدني هذا كثيرا على فهم عالم اليوم وأسباب أزماته.
بعد صراعات داخلية مع نفسي حول تحديد هدفي في الحياة قررت في النهاية أن الهدف هو التنازل عن الأنانية والتفكير في الصالح الشخصي أو أن اكون موظفا حبيس مكتبه: وقررت أنني سأعمل لشيء واحد هو مصلحة الجزائر قبل كل شيء، وحل أزماتها والدفاع عنها من اعدائها التارخيين والجدد.
قد لا اقول لك شيئا جديدا على مسامعك إذا أخبرتك أن الجزائريين اليوم شبابا وكهولا وأطفالا باعوا الوطن وخمد عندهم الشعور بالانتماء للوطن والاعتزاز به فأصبح الجميع يلعن الجزائر ويفكر في الهرب منها. غالبا الى الجنة الاوروبية.
إن إعادة الشعور بالإنتماء لهذا الوطن والفخر به لدى الشعب والشبيبة بصفة خاصة لهو أحد أهدافي في هذه الحياة.
منذ ذلك الحين و التفكير في الصالح العام والمصالح العليا للبلاد هو شغلي الشاغل. بدأت بعدها أبني نفسي بنفسي، كان أول شيء يقف في طريقي هو عدم امتلاكي حتى ما أشتري به كتابا، أو الذهاب لمقهى الانترنت لتوسيع مداركي سواءا في التاريخ أو معرفة الشعوب ونضالها من أجل ان تكون أمة قوية في عالم لايعترف فيه الا بالاقوى.
فقررت أن اتوجه للعاصمة للعمل، وعند وصولي هناك لم يكن المال هو هدفي بل لقد كان آخر ما أهتم به، استغللت تواجدي هناك بمخالطة الناس للوقوف على ثقافاتهم وأفكارهم وطريقة عيشهم، فما تراه في العاصمة هو كل ما موجود في الجزائر كلها، ولما كان غيري يعمل صباحا ومساءا كنت انا أعمل صباحا فقط، وفي الفترة المسائية أتوجه للمقاهي و الساحات العامة أشاهد الناس كيف تعيش وأتنصت على هذا و هذا لأفهم على ماذا يتحدثون وما يثير إهتمامهم. ساعدتني هذه الفترة كثيرا على فهم واقع الجزائر وماهي هواجس شعبه. وهل هو يسير نحو الرقي ولازدهار أم إلى الهاوية والحضيض.
حينها دخل الصيف، كان هناك مالك مطعم إسمه: كمال، اكترى محلا على شاطئ البحر، عملت معه طيلة الصيف، لقد كان كمال رجل مختلف تماما عن أي أحد عرفته طيلة حياتك، وأؤكد لك ذلك، كان يلعب بالمال ويكسبه يمينا وشمالا كان رجل أعمال يمتلك الجرأة ليربح ولينفذ كل مايريد، استغللت الفرصة وأنا ذلك الطفل الذي أصبح رجلا منذ شهور قليلة، وتعلمت منه كل شيء، وكسبت منه الجرأة على فعل ماتريد دون الإهتمام بمن حولك، فإكتساب الجرأة لايكون عن طريق الجلوس في المدرسة والإستماع للأستاذ بل يكون عن طريق أكل الألم وإرتكاب الأخطاء والشعور بالخوف ومواجهته حتى تكتسب الجرأة.
ربما هذه الجرأة ساعدتني كثيرا في هذا العيد الذي مر. فرغم جهلي التام بطريقة ذبح الكبش وسلخه وربما شعوري بالشفقة وأنا أذبح كائنا حيا من الوريد إلى الوريد وأسلب منه الحياة، لكن الجرأة التي أمتلكها جعلتني أذبحه وأسلخه وحدي. وبالطبع في العيد القادم لن أنتظر إلى الظهر ليأتي من يذبح الكبش بل سأفطر عليه وسيكون كل شيء كنزهة.
وجودي طيلة الصيف مع كمال مكنني من دراسة رجل أعمال عن قرب حيث كان رجلا يعرف كيف يربح، وأناا تعلمت كيف يفكر ويعمل رجال الأعمال في العاصمة. سيساعدني هذا كثيرا لما أنطلق في نشاطي التجاري. ولما كان كمال يعرف كيف يربح كانت تجارته أكبر منه فلم يستطع مجاراتها فلقدرة البشر حدود، لذلك لما سألني أحد من عملت معهم في ذلك المحل على الشاطئ عن رأيي في كمال كان يظن أنني متذمر منه وسوف أسبه، لكنه تفاجأ لما قلت له كلمتين عجيبتين حار فيهما بل قد يكون لم يفهمهما لقد قلت له: كمال "ضحية نموه"، والمعنى أنه لما زادت تجارته كثيرا عن قدرته كبشر يومه فيه 24 ساعة، لم يستطع أن يقود كل شيء، فانهار كل شيء.
بعدما قلت له ذلك سمعت صوت ضحك خلفي، لقد كان كمال ذاته يسمعني وينتظر أن يعرف رأيي فيه، ويسمع ذمي له لكنه تفاجأ من نباهة ردي ودقته.
فقال هو أيضا كلمتين لن أنساهما ماحييت: "ميامي فنان". وكانوا ينادونني ميامي أثناء عملي هناك في محل جميل في شاطئ لامادراك الصيف الماضي. لقد قال ميامي فنان، كلمة لم تأتي من صديق فربما كان هذا الصديق يشكرك، بل كانت من رجل اعمال ذو تجارة كبيرة، رجل شاهد طيلة حياته الدنيا وألمها وشاهد عالم التجارة وإحترف فنونه.
لقد كانت هذه شهادة منه لي، شهادة أعتز بها.
لقد كان حلمي منذ أن كنت صغيرا أن تكون الجزائر دولة عظيمة. فهي دولة لها تاريخ مجيد وأبطال كتبوا مجدها بدمهم.
أصبح هذا الحلم اليوم هدفي في الحياة، وبالشباب والصحة والعقل الذي وهبنيهم ربي لن أتردد بالتضحية بهم في سبيل بلاد أحبها حد العبادة.
وجدت أن الانترنت في كل بيت ويجلس عليها كل شرائح المجتمع وبساعات طويلة، وهي وسيلة حرة لتقول فيها ماتشاء، فوجدتها أهم أداة أستعملها في طريق تحقيق أهدافي.
فعدت إليها بعد أن إنقطعت عنها فترة طويلة، لكن هذه المرة عدت إليها بكل قوة ليس للدردشة أو الجلوس على الفايس بوك لإستمالة الإناث والدردشة معهم فذلك في ذيل إهتماماتي، بل أراه إهانة لكرامة الشاب الذي أعطاه الله الصحة والنبوغ وأعطاه دولة مجيدة فيقتل وقته بالدردشة مع الإناث وتشغيل موهبة العقل العظيمة بالتفكير بهم.
في حين كان يجب أن يشغلها بالتفكير بمستقبل بلاده ووضع الحلول لأزماتها.
لقد ضغطت قطر على الجزائر لتسحب سفيرها من سوريا، لقد تجرأت قطر الحقيرة التي ليس لها تاريخ اللهم إلا صيد السمك وإحتراف فن خياطة الخيام، تجرأت على سيادتنا وحرية قرارنا، لقد مست بكرامتنا، وأنت تلعب على الفايس بوك وتبحث عن الإناث، عجب لذلك، بعض الناس مصيرهم يقرره أعدائهم وهم يلعبون ويلهون وأكبر همهم في الدنيا وظيفة ليعيشوا ويتزوجوا ويفتخرون على أصدقائهم بأسلوب حياتهم المرتفع ومعيشتهم الفخمة، هذه هي البورجوازية الحقيقية الكدح في العمل من أجل الطعام والجنس والبقاء.
لأن الانترنت قوية عملت التفكير في إستغلالها لتحقيق أسمى ما أطمح إليه في الدنيا، ولما أعملت النظر في أحسن طرق إستغلالها وجدت التدوين وسيلة ضخمة لأستغلها، لذلك فتحت مدونتي هذه كخطوة أولى في مشروع كبير لتشكيل مجتمع المدونين الجزائريين، والعمل لأكون عميد المدونين في الجزائر لنشر أفكاري ومبادئي. لهذا أنت تقرأ مدونتي هذه، فأنا لم أفتتح هذه المدونة كفضول بالتدوين أو للعب وقتل الوقت.
** اللهم كن مهنا وكن لديننا واحفظ أرضنا العزيزة واجعلنا جديرين بحمل المجد الذي بناه أجدادنا من زمن أبو مهاجر دينار وطارق ابن زياد، إلى زمن ابن باديس ومصطفي بن بوالعيد وعبد الحفيظ بوالصوف وهواري بومدين وغيرهم الكثير.